-A +A
إبراهيم سنان
منذ العشر الآواخر في رمضان وأنا أفكر بأولئك الذين سأعايدهم، وأهنئهم بحلول عيد الفطر المبارك. أتصفح قلبي بحثا عنهم واستعرض شريط الذكريات أتلمس وجوههم. تتسارع الذاكرة المشحونة بالحنين لكل الأسماء، وعتب يصاحب كل اسم وكأنه يسألني عن الغياب، لا أجدني قادرا على ممارسات التبرير حول كوني الأجدر بوصالهم وسؤالهم، ولم أفكر يوما أن العمر الذي يرفعني عن أعمارهم أحق بأن يسقط عني واجب المبادرة. كنت أفكر فقط بأنني مهمل مقصر في حق لحظات ومواقف كثيرة وجدتهم حولي. أخذت من أعمارهم مساحات واسعة تركت لنفسي فيها مكانا وقضيت بها جزءا من أوقاتهم. من يدري ربما لو لم أكن متواجدا حولهم لوجدوا من هو أفضل مني وأكثر استحقاقا لتلك الذكريات.
ذاكرة الهاتف المحمول ممتلئة بالأسماء. وتلك القائمة الطويلة تشعرني بالحرج تجاهها حتى أن رسائلي النصية إليهم أعيد قراءتها باردة باهتة لا معنى لها، أعاود الاتصال وأكرر ولا أكتفي بها، أفاجئهم بصوت يحمل في نبراته بعضا من استجداء العفو عن كل فترات الانقطاع. وأجدهم كما توقعت ينسون وكأنني كنت بالأمس بينهم ولم أغادرهم أبدا .
وفي لحظة تأمل لخارطة هذا الوطن أفكر ماذا يعني لي. تلك التضاريس والمدن والطرق والحدود. تكاد تكون مبهمة فيما تبثه «فيني» من مشاعر، حين أبدأ بتذكر الناس، وتتسارع قلوبهم لتضيء كنقاط في كل تلك المساحة الشاسعة. قلوب كنقاط أصل بها خطوطا لتكون حدود وطني الذي أحب. قلوب تحمل بعضا مني ويهمني سلامتها التي تعني سلامتي. قلوب تتوزع على تلك الخارطة بدءا من نجران إلى أبها فجيزان وجدة ومكة والمدينة والعلا وتبوك والقريات عرعر حفر الباطن الدمام الخبر الرياض شرورة وكل المدن. هناك في كل منها لي موطيء قلب ومستقر حب، ووطن أدعو الله أن يحفظه، ويمنع عنه كل سوء .قلوب الناس هي من تصنع وطني وليس الحدود ولا الهويات.